بقلم هدير نور

بقلم هدير نور

موقع أيام نيوز


رأسها بقوة
علشان خاطرى مشينى من هنا يا راجح....
نهض راجح على الفور حاملا اياها بين ذراعيه لكنه ظل عدة لحظات واقفا بمكانه ينظر
راجح.....علشان خاطرى
خرج من جموده فور سماعه توسلها هذا تحرك راجح نحو الباب وهو يحملها بينما تتبعه والدته التى تحمل حقيبة ملابسها و اتجهوا نحو شقتهم بالاعلى.. 
وضع راجح صدفة برفق فوق الاريكة بشقتهم الخاصة من ثم جلس بجانبها ممررا يده بحنان فوق خدها قائلا بقلق

كويسة يا حبيبتى...!
اومأت برأسها بينما جلست نعمات بجانب راجح قائلة بمرح
بطلى استعباط بقى ياختى و قومى...احنا طلعنا خلاص... الواد مخضوض عليكى
رفع راجح حاجبه و هو يبدأ يستوعب انها كانت تخدعه بالاسفل
حلاوتك.... يعنى انتى كل ده كنت بتشتغلنى..
اهتز جسد صدفة برفق و هى تضحك بخجل و قد احمر وجهها بشدة مما جعله يبتسم و قد تأثر بمظهرها هذا انتفضت فازعة عندما تنحنحت نعمات بحدة قائلة بمرح و هى بداخلها تشعر بالسعادة 
ما تلم نفسك يا خويا منك لها.... انا قاعدة...فى ايه
ابتسم راجح قائلا و هو يبعد صدفة برفق من بين ذراعيه
ايه ياما شغل الحموات ده....
ضحكت نعمات و هى تنحنى للأمام حتى تربت على ساق صدفة برفق
لا حموات ايه... ده صدفة بنتى.. و يعلم ربنا بحبها قد ايه...
ربتت صدفة على يدها و هى تبتسم بسعادة على كلماتها تلك.. 
ضغطت نعمات على يدها برفق قبل ان تتنهد ملتفة نحو راجح قائلة بحزن 
و الله يا بنى انا مكنتش اعرف ان الواطى ده بيقولك الكلام اللى زى السم ده... 
اومأ راجح برأسه مغمغما بصوت متحشرج
عارف ياما....بس انا عايز اعرف ابويا يبقى مين.. وليه عابد عمل فيا كل ده...
ساد بينهم الصمت قليلا قبل ان 
تأخذ نعمات نفسا طويلا مرتجفا قائلة بهدوء
ابوك يبقى الشيخ مأمون الراوى.. اخو عابد...
اتسعت عينين راجح پصدمة فور سماعه كلماتها تلك
ايه... اخو عابد !! يعنى عابد يبقى عمى....!!!
اومأت نعمات برأسها و هى تكمل بصوت مرتجف
ايوة مأمون يبقى اخوه الصغير..عابد كان اكبر منه ب ٥ سنين...... 
لتكمل وهى تفرك يديها بعصبية
هحكيلك الحكاية كلها من الاول خالص.... عابد جه بلدنا لوحده كان عنده حاولى ٢٧ سنة كان جاى البلد بطوله لا اخ ولا اب ولا ام.. جه و اشتغل مع ابويا على فرشة الخضار بتاعته وقتها انا حبيته و هو كمان رسم عليا الدور انه بيحبنى و اتقدم علشان يخطبنى ابويا في الأول رفض كان بيقول انه مش امين و انه مش مرتحاله بس انا أصريت عليه و اقنعت ابويا و فى الاخر وافق و اتجوزنا... 
و كانت اول مرة اشوف فيها ابوك مأمون كان فى فرحى انا و عابد...وقتها اتعرفت عليه كان راجل محترم اوى و لسانه دايما كان بيذكر الله... بس عابد كان باين عليه انه مبيحبوش و كان بيعامله بطريقة وحشة..
بعدها جه مأمون و زارنا في بيتنا كام مرة لكن عابد عمره ما زاره ولا خطى البلد بتاعته دى
بس بعدها بكام سنة روحنا البلد و حضرنا فرح ابوك مأمون على خديجة امك كانت بدر منور و الكل كان بيحلف بجمالها..
بس يومها عابد مسك فى خناق مأمون و حصلت بينهم خناقة كبيرة اوى و سيبنا الفرح و روحنا...و فضل عابد مقاطعه فترة طويلة اوي.....
تتفست بعمق تلتقط انفاسها قبل ان تكمل 
اما بقى انا و عابد فضلنا اكتر من ٧ سنين من غير ما ربنا يرزقنا بالخلفة... عابد كان عنده عيب يمنعه من الخلفة..
وقتها ابويا عمل مشاكل و أصر اننا نتطلق و انا كنت بدأت اكره حياتى مع عابد كان انسان أنانى.. و مكنش بتاع شغل و كان ابويا هو اللى بيصرف علينا.. سيبتله البيت فعلا و كنت ناوية انى اطلق منه.... لحد ما جه فى يوم و قالى انه عايز يقابلنى و فضل يزن كتير لحد ما وافقت و روحت اقابله و اشوفه عايز ايه لقيت معاه طفل عمره ميكملش اسبوع.....
ووبف قليلا لتمسك بيد راجح بين يدها و تنظر اليه باعين تلتمع بالدموع و كم الحب الأمومى الذى تشعر به نحوه
الطفل ده كان زى حتة من الجنة اول ما شوفته خطڤ قلبي و روحى... 
عابد قالى انه ابن صاحبه و صاحبه ده ماټ بعد ما غلط مع بنت غلبانة يتيمة حملت منه و ماټت و هى بتولد... وطلب منى انى ارجعله و ناخد الطفل ده في حضننا كأنه ابننا.... 
همست باكية و الدموع ټغرق وجهها
خدناك و سيبنا البلد و سافرنا على هنا القاهرة .. علشان محدش يشك انك مش ابننا... عدت أول سنة كنا كويسين و عابد كان حاله اتصلح لحد ما في يوم كان عابد مسافر...
لان كنت عارفة ان عابد و مأمون مقطوعين من شجرة مالهمش اى حد امهم ماټت و هما صغيرين و ابوهم ماټ و عابد عنده يجى عشرين سنة.... 
الست دى اول ما شافتك قعدت ټعيط وتقول ابن مأمون... انا مكنتش وقتها فاهمة تقصد ايه... بس هى بدأت تحكيلى ان مأمون و
مراته

و ان مأمون ماټ على طول لكن خديجة مراته فضلت في غيبوبة حاولى اسبوع وهى فى الغيبوبة ولدتك.. 
انا وقتها اټصدمت لان مكنتش اعرف ان مأمون و خديجة ماتوا... انا كنت فاكرة انه و عابد 
تنفست بعمق قبل ان تكمل
عمة عابد بقى قالتلى انها اتفقت مع عابد انه بما ان خديجة مالهاش اهل و كانت يتيمة و ان مأمون مالوش حد من قرايبه عايش غير عابد و بما انه مبيخلفش فهو الاوله بابن اخوه ياخده و يربيه.. 
و اتفقوا يقولوا فى البلد بتاعت مأمون.. انه ماټ هو و مراته و العيل اللي في بطنها كمان...
وقالتلى ان عابد وعدها انه يبعتلها قرشين تعيش منهم كل شهر..علشان مأمون الله يرحمه هو اللى كان بيصرف عليها... 
و بدأت تحكيلى عن بلاويه قبل ما اتجوزه....
توقفت قليلا نعمات تبتسم من بين دموعها عندما رأت صدفة تقترب من زوطها الذى كان وجهه قاتم متغضن بالحزن و الڠضب في ذات الوقت برفق نحوها فى محاولة منها لمواساته و التخفيف عنه... 
حمدت نعمات الله بداخلها على انه رزق ولدها بتلك الزوجة المحبة الحنونة... تنهدت قبل ان تسترد قائلة
قالتلى ان عابد طول عمره كان بيغير من اخوه مأمون... علشان مأمون من صغره الناس كانت بتحبه بسبب اخلاقه و طيبته و انه كان حافظ كتاب ربنا عكس عابد اللى كان زرعة شيطان كان خمورجى و كان بيأذى الناس دايما و يجى على الغلبان منهم.... 
و كانت الناس دايما بتقارنه بمأمون.. و انه ازاى مش زى اخوه الشيخ المحترم..و ده اللى خلى كرهه لأخوه يزيد اكتر... 
بتاعت البلد كان ابوهم فرحان ان ابنه بقى شيخ و امام جامع كل الناس بتحترمه لعلمه و أدبه كان دايما فاكر ان ابوه بيفضل اخوه عنه...بس على العكس ابوهم صادق كان دايما في ضهر عابد و ياما دارى على بلاويه اللى كان بيعملها... لحد ما ابوهم ماټ... وعابد فجر اكتر و اكتر حاول مأمون يكلمه و يخليه يرجع في طريقه ده بس مكنش بيسمعله و كان پيتخانق 
وقتها الناس مسكته ضړبته وبهدلته و كانوا ھيموتوه لولا ان مأمون ادخل و انقذه 
من بين ايديهم و الناس علشان بتحب ابوك الله يرحمه وافقوا يسيبوه بس على شرط انه يمشى و ميخطيش البلد تانى.. و طردوه فعلا..... و مرجعش الا على فرح مأمون و خديجة بعد ما مأمون اتحايل على الناس انهم يسمحوله بس يحضر فرحه و علشان الناس بتحبه وافقوا بس عابد مسك فى مأمون ليلتها غله و حقده خلاه مش قادر يشوف اخوه فرحان و مسك فيها و اتخانقوا و ساب الفرح و مشى....
صمتت نعمات قليلا قبل ان تلتف نحو راجح هامسة پبكاء 
انا لما عرفت كل ده كنت هسيبه و اطلق منه... بس هو هددنى بيك و قالى لو انا اطلقت منه هياخدك منى و يرميك فى اى دار ايتام... هددنى بيك علشان كده مقدرتش اسيبه...و بعد كام
غمغم راجح بصوت مظلم و الضغط الذي قبض علي صدره ېهدد بسحق قلبه
قالى فعلا... بس قالى ان ابويا اسمه مأمون منير و يبقى صاحبه 
همست نعمات پبكاء مرير وهى تمسك بيديه 
دى غلطتى يا بنى...انا عارفة انى المفروض كنت اتكلم معاك عن امك و ابوك الحقيقين بس انا غيرتى و حبى ليك خالونى زى المچنونة مكنتش عايزاك تفكر فيهم... كنت عايزاك تفضل ابنى انا وبس... متفكرش في واحدة تانية انها امك حتى لو كانت مېته انا عارفة انى غلطانة و انى انانية...و انى لو كنت اتكلمت معاك عنهم مكنش الكل ب ده قدر يأذيك.....
حقك عليا.. يا ضنايا... حقك عليا... انا عارفة انك اكيد زعلان منى... انا انانية و ست وحشة.....
ضمھا راجح اليه بقوة هامسا بصوت مخټنق 
لا ياما انا مش زعلان منك و متقوليش على نفسك كده.... انتى احسن ام في الدنيا دى.. طول عمرك حنينة عليا اكتر حتى ما كنت حنينه على ولادك اللى من صلبك..و انا من غيرك مسواش حاجة...
اهدى يا خالتى....اهدى علشان سكرك ميعلاش.. 
انحنى راجح مقبلا اعلى رأس والدته
خلاص ياما علشان خاطرى... وغلاوتى عندك....
غلاوتك عندى كبيرة يا راجح....
نهضت صدفة بتثاقل بسبب بطنها المنتفخة حتى تحضر لهم الطعام مستغلة الامر حتى تتركهم سويا قليلا بمفردهم.. 
ذهبت و عادت بعد قليل تحمل بصعوبة صينية كبيرة ممتلئة بالطعام لتجتاحها الراحة عندما وجدت نعمات قد توقفت عن البكاء و تتحدث مع راجح و ابتسامة مشرقة تملئ شفتيها ..
كده يا صدفة... شايلة كل دى.. تقيلة عليكى....
ابتسمت قائلة وقلبها يمتلئ بحبه بسبب حنانه هذا
متخفش يا حبيبى... خفيفة....
وضع الصنية على الطاولة من ثم بدأ يضع امام والدته الطعام يطعمها بيده و هو يحاول جعلها تضحك حتى يخفف الامر عنها..
راقبت صدفة اهتمامه بوالدته هذا و ابتسامة ناعمة على وجهها فقد كان حنون على من يحبهم..لا تعلم كيف استطاع عابد ان يكرهه كيف يمكن لأى شخص ان يكره مثل هذا الانسان الرائع... 
عندما انتهوا من الطعام حمل راجح الصحون الفارغة للمطبخ بينما ذهبت نعمات الى غرفة 
الصندوق ده فيه صورة امك و ابوك انا كنت محتفظة بها...
تناول منها راجح الصندوق بيد مرتجفة لتكمل سريعا باضطراب و تلعثم و بداخلها تعلم انها تأخرت كثيرا فى اعطاءه تلك الصورة
انا... انا هروح انام... تصبح على خير يا ضنايا 
ظلت واقفة تنتظر اجابته عليها لكنه كان واقفا جامدا ينظر باعين متسعة بالرهبة الى الصندوق الذى بيده مما جعلها تستدير بصمت نحو غرفتها.. 
خرج راجح من حالته تلك ليلحق بها و يحتضنها بين ذراعيه برفق مقبلا
 

تم نسخ الرابط